Neon Genesis Evangelion

Neon Genesis Evangelion
Epi 1-26, Death & Rebrith, The End of Evangelion

 

أنا فاكر كويس أول ما أتفرجت علي "هجوم العمالقة" أن كان اكتر سؤال داير في ذهني هو أحنا ح نفضل علي مدي الحلقات الجاية نتفرج علي عالم بسيوف عمالة تتشقلب ويدبحوا في العمالقة والعمالقة تدبح فيهم ولا أيه الكلام؟! .. علي ما وصلنا للحلقة 10 يمكن كان السؤال ده تلاشي تماماً لأني وجدت أني بأتفرج علي ما هو أعمق وأصعب من مجرد الأكشن .. المثال ده يدخلني علي نقطة كنت المفروض مأجلها أني أتكلم فيها في الأخر المفروض بس خير البر عاجله وهي العلاقة الوطيدة ما بين إيفانجيليون وأتاك أون تايتن 

دي المرة التانية اللي أشوف فيها إيفا .. المرة الأولي كان فيها مشاكل كتير .. شوفته علي فترات وكنت ناسي معظم الأحداث لما رجعت اشوفه والترجمة كانت زبالة الحقيقة وتقريباً سقطت الحلقة 24 أو السيرفر اللي حملت منه سقطها عند عمد عشان هما دواعش وحرام يترجموا الزندقة دي وأخيراً مكنتش أعرف بوجود فيلمين مكملين للأحداث .. بس كانت عجباني الحالة مع أني مكنتش فاهم منها حاجة .. ولازلت مش فاهم بعد المشاهدة التانية بس الصورة أوضح شوية .. قولت أستغل الفراغ بتاع رمضان وأعمل ماراثون لإيفا ويا لها من تجربة 

مش عارف هل إيسياما صرح بده ولا لا بس هو الموضوع واضح جداً وهو أنه في تأثر كبير بإيفا في صناعة أتاك .. أول حاجة نبهتني للحتة دي كانت تفصيلة ظريفة أوي وهي أن الطيار أو القائد لما بيركب الألي بيكون موجود في عنقه من عند الحتة بتاع النخاع الشوكي في الإنسان مش في راسه أو وشه زي ما أتعودنا في كلاسيكيات الميكا بشكل عام .. يمكن الحتة دي مش إيفا أول مسلسل يعملها فهي موجودة مثلاً في سلسلة الجاندام من زمان –الطيار بيكون في البطن- بس لفت إنتباهي حتة العنق كمكان لتواجد  القائد في العملين وإستغلال ده درامياً في سياق المسلسلس .. دي كانت بداية إنتباهي لحتة التشابه .. علي ما وصلت للنهاية أكتشفت أن لا الموضوع أعمق من كدة .. في تصريح لإيسياما بيقول فيه أن النهاية الأصلية للمانجا كانت أن الكل ح يموت لكن مع الوقت غيرت رأيي عدلت النهاية .. النهاية السابقة دي فيها شبه كبير من اللي حصل في نهاية إيفا .. حتي لو حطينا اللي حصل في نهاية المانجا بتاعة أتاك قصاد إيفا ح نلاقي أن المنطق نفسه متشابه مع إختلاف الشكل .. يعني إيرين شاف البشرية عشان تتعلم السلم وتخاف من الحرب لازم تواجه كارثة كبري وهول عظيم يخليهم يخافوا قبل ما يفكروا يرجعوا للحرب تاني والكارثة كانت أن معظمهم لازم يواجه الفناء والباقيين يعيشوا عشان يتعلموا الدرس .. كذلك شينجي في الأول كان شايف أن الحل في أنه البشر يفنوا وأنه يبقي وحيد لكن في وسط العصف الذهني اللي واجهه في النهاية واللي أتبروز أوي في النهاية البديلة بتاعة المسلسل شاف أنه "الجنة من غير ناس ما تنداس" وأنه وجوده بدون ناس كالعدم .. ورجع البشرية بشكل أخر وصيغة جديدة 

ده غير أن المسلسلين منبعهم واحد تقريباً .. أم مفتقدة ضمن مأساة بتتحول إلي دافع الطفل في الحياة وجزء أصيل من لاوعيه وأب بيوكل مهمة كبري لطفل صغير –أب علي علاقة بأكثر من أنثي- وكارثة بيجد الطفل نفسه في قلبها ومتأثر بيها دون إختيار حقيقي منه بل بيدفع نحوها دفعاً .. كذلك طريقة سرد المسلسلين واحدة معتمدة علي التشظي في طرح الأحداث والحقائق والتركيز علي الجانب الداخلي والوجداني للأبطال أكتر من الصراع والأكشن رغم وجوده الدائم .. تشظي بيصل لأنك في العملين ما بتفهمش الحقيقة الا في النهاية خالص وما بتفهمهاش بشكل كامل كمان وفي أجزاء المؤلف بيسيبها لحدسك وتكهناتك
نتجاوز الحتة دي وندخل في المهم .. المسلسل نفسه
كان في المرتين اللي شوفت فيهم المسلسل عندي حالة إستغراب في البداية من تركيز الصانع علي المشاهد الدرامية الطويلة الصامتة تماماً احياناً وطريقة إخراجه للأكشن اللي ما بتديش للمتلقي مشهد أكشن كامل ومعركة متكاملة بتنتهي بأن الشرير بيفني علي يد البطل .. حتي دي لازم يخش فيها حتة دراما طويلة .. بس مع الوقت أستوعبت الحالة بشكل كبير وقدرت أفهم في أي طريق يسير هذا العمل 

في اللحظة الحالية بأشوف إيفانجيليون من وجهة نظري كعمل إنساني عن الوحدة في الأساس أشعر أنه ذاتي بشكل كبير .. بكل تأكيد أي عمل إبداعي هو ذاتي بدرجة أو بأخري بس ده بأحسه داخل أكتر في ذات وأفكار كاتبه ودي حتة محتاجة بحث شوية بعدين .. المسلسل كله عن الوحدة والرغبة في التلاشي وعدم الوجود تماماً .. وحدة ناجمة مش عن ظروف ما أو حبس بل وحدة ناجمة عن عوامل مختلفة .. عدم قدرة علي التعاطي مع الناس أو بناء علاقات معاهم .. مشاكل في التواصل مع الأخرين .. تروما وأزمات شخصية خاصة بالنشأة أو صدمات مر بيها الأبطال في حياتهم .. كل شخصيات المسلسل مأزومة بشكل أو بأخر .. بعضهم مر بأزمات في الطفولة .. بعضهم مر بأزمات خاصة بالتربية والعلاقة مع الأهل .. بعضهم عنده ازمات خاصة بحياته العاطفية والشخصية .. بعضهم عنده أزمة مع وجوده ككل ودوره في الحياة وموقعه في العالم ده .. وده التباين والإختلاف ده بينعكس بعد كدة علي طريقتهم في التعبير عن أزماتهم والتعاطي معاها لدرجة إخفاءها بشكل يخلي صاحب الازمة نفسه مش واعي بذاته ومشاكله
المسلسل فرويدي بدرجة كبيرة ومرتكز علي أطروحات كتير من الكلاسيكيات الفرويدية زي ميكانيزم الدفاع النفسي وعقدة أوديب و"الانا والانا الاعلى والهو" .. شينجي مثلاً أحد أسباب إهتمامه بـ"راي" هي أنها فكرته بأمه بان ده أوي في مشهد عصر المنشفة لما قالها شكلك في أمومة .. في لقطة تانية واثناء حالات العصف الذهني اللي بيمر بيها نشوفه بيتخيل أسكا ومسياتو وراي في حالة عري وإغراء لكن مع ذلك هو في الحقيقة وفي أكثر من موقف لم يجرئ علي أتيان أي فعل جنسي مع أي واحدة فيهم .. جزء من ده راجع لإحساس عنده بالضعف في حتة لكن في حتة تانية بتبان في النهاية في مشهد كدة أنه بيعاني من الحرمان العاطفي اللي بيتداخل مع رغبته الجنسية وأنه في الأساس مفتقد "ثدي أمه" مصدر العطاء والحنان ولذلك هو كان متعلق بميساتو اللي قامت بدور الأم للنهاية معاه ومكنش بيحس ناحيتها بأي إنجذاب جنسي .. كذلك ميساتو اللي علاقتها بأبوها مرتبكة ومتشابكة فهي تكره تسلطه لكنها تفتقده وتبحث عنه في كل رجل .. مشهد قبلتها لشينجي في النهاية إعادة إنتاج لمشهد إنقاذ أبوها ليها بشكل أو بأخر ... وهكذا
المسلسل حقيقي في الحتة النفسية دي كان متشابك ومعقد بشكل كبير وبيغوص في حتت صعبة ومربكة زي الأوديبية والبيدوفيليا بشكل جرئ وصادم 

لكن المسلسل لو كان دراما عن ناس معقدة حقيقي محدش كان ح ينتبه له أو كان ح يمر مرور الكرام .. وهنا تأتي براعة الكاتب .. هو بني عالم المسلسل كوجبة متعددة الطبقات كل طبقة فيهم أعمق من التانية .. أولاً أحنا بنتكلم في عالم في مرحلة حرجة جداً .. عالم أبوكاليبسي بيعيش بعد كارثة كبري غيرت شكل الحياة البشرية ودي حتة دسمة جداً يطلع منها دراما كتير .. دي نقطة .. النقطة التانية أحنا في عالم علي شفي الإنهيار وفي إنتظار كارثة كبري إرهاصاتها بدأت من أول حلقة والأبطال دورهم مش مفهوم هل هما ح يضعوا حد لهذة الكارثة ولا بيعجلوا بحدوثها .. الكارثة المرتقبة والخطر الداهم دول الحتت اللي بيتغذي عليهم صنف الميكا ومسلسلات الأليين في الأنمي عامة علي طريقة مازنجر كدة .. كمان الغموض ده حتة لوحدة ممكن يبقي مسلسل مستقل
فوق كل ده المسلسل هو إعادة سرد لقصة الخلق والقيامة بس بصيغة مستقبلية مليئة بالتنكولوجيا لاعبة في القصة كلها وعملالها إعادة سرد عبقرية جداً .. وهو مش أول مسلسل يعملها بالشكل ده بس هو عملها بطريقة متقنة أوي الحقيقة
التعدد ده مخلي القصة مفتوحة وتحمل تاويلات متعددة ويمكن قراءتها من أكثر من وجه .. انا شخصياً قرأتها علي أكثر من وجهة .. هي قصة فلسفية عن الوحدة بتصل في النهاية إلي نتيجة متفائلة تتنافي شوية مع الحالة العدمية اللي سيطرت عليهم طوال الوقت وهي أن الجحيم ليس الأخرون لأن بدون الأخر سنكون بلا وجود .. علي ناحية تانية هي قصة وجودية عن حرية الإرداة وقيمة الإختيار يمكن بتفكرني أوي بـ"أسطورة سيزيف" لألبير كامو فكرة أن حتي لو الوجود ذاهب إلي وزوال وأن لا مفر من الفناء فده لا يعني أن حياتنا بلا قيمة بل أحنا اللي بندي قيمة لحياتنا القصيرة دي عن طريق الإختيار .. المسلسل في حتة نيتشاوية كدة صايعة ومهمة أوي باينة بالذات في نهاية الفيلم وهي لو حد خد باله أن الوجود وقف علي إختيار البشر اللي هو شينجي في النهاية وأصلاً فكرة الـ"إيفا" من الأول زي ما بيتم شرحها علي لسان العلماء أنها محاولة لخلق إله علي يد البشر وزي ما بتشرح أم شينجي في النهاية هي مصنوعة للخلود .. إسقاط علي فكرة موت الإله لكن بشكل مختلف ورؤية جديدة


ممكن ناس تفسر القصة بشكل ديني .. البعض مكن يفسرها بشكل سياسي أو يمكن فانتازي لكن في وجه  للقصة بأشوف أنه لازم ما نغفلوس وهو المتعلق بظرفها الزمني .. العالم في مطلع التسعينيات كان مخيف جداً وملئ بالصدمات الحضارية الكبيرة زي سقوط الكتلة الشرقية وعلي رأسها الإتحاد السوفيتي وما تبعه من تغيرات وتطورات وإختفاء لظواهر وصعود لظواهر أخري زي الإرهاب الدولي وبداية مارثون التطور التكنولوجي الذي  لم يتوقف إلي الأن .. حقبة ابتدت بتنظيرة فوكوياما الشهيرة "نهاية التاريخ" وسط مخاوف خزعبلية من الالفية الجديدة عن أنها نهاية العالم وإلي أخره .. بيتهيألي وسط الأجواء دي كان طبيعي أن عمل زي إيفانجيليون يخرج للنور 

والحمدلله أنه خرج للنور

تعليقات